حرص الصحابة والتابعين على حديث رسول الله
في كتب السنة صور حية ، توضح لنا مبلغ اهتمام الصحابة، وحرصهم على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ومدى اجتهادهم في أن لا يفوتهم شيء منه، فمن ذلك ما رواه البخاري بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (كنت أنا وجار لي من الأنصار، في بني أمية بن زيد ـ وهي من عوالي المدينة ـ وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ ينزل يوماً، وأنزل يوماً؛ فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي، وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك….).
ولم يكن اهتمام النساء وحرصهن على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم بأقلَّ من اهتمام الرجال، فقد روى البخاري بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال: قال النساء للنبي صلى الله عليه و سلم : (غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهنَّ فيه، فوعظهن وأمرهن….)
ولم يقتصر هذا الاهتمام والحرص على زمن الرسول فحسب، بل استمر الحال بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى. فقد أخرج الحاكم في مستدركه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يبلغني الحديث عن رجل، فآتي بابه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، يسفي الريح عليَّ من التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء بك؟! هلا أرسلت إليّ فآتيك؟ فأقول : لا، أنا أحق أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث. فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني).
وهكذا كان اهتمام الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم في حفظ السنة ونقلها، جيلاً بعد جيل رواية وحفظاً.
أسلوب حفظ الصحابة والتابعين للحديث النبوي
اقتصر حفظ الأحاديث -التي تمت كتابتها في عصر النبي صلى الله عليه و سلم وعصر الصحابة ومن تبعهم- في الجوامع دون ترتيب. والسر في ذلك يعود لأمرين اثنين أحدهما : أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نُهوا عن التدوين، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (لا تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فليمحُهُ، وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). وكان ذلك خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن الكريم. الثاني: سعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، بالإضافة إلى أن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة. لكن ذلك لا يعني أن الكتابة وإباحتها لم تقع في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم . بل ثبت الإذن بالكتابة عنه صلى الله عليه و سلم .
فقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ورسول الله صلى الله عليه و سلم بشر، يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتابة؛ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال: (اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حقٌ).
إذن كانت الكتابة الفردية موجودة مع الحفظ، فكان بعضهم يكتب ما تيسَّر له مع الحفظ، قبل أن ينهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك، وبعد أن أذن فيه؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (ما كان أحدٌ أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب بيده، ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي، ولا أكتب بيدي، واستأذنَ رسول الله صلى الله عليه و سلم فأذن له).
وبجانب هذا فقد كان لبعض الصحابة، رضوان الله عليهم، صحائف يكتبون فيها أحاديث لأنفسهم، ومن ذلك صحيفة علي المشهورة، وصحيفة جابر بن عبد الله، وصحيفة سمرة بن جندب، وصحيفة عند عبد الله بن عمرو التي كانت تسمى (الصحيفة الصادقة).
وهكذا كان الصحابة والتابعون بين رجلين:
رجل يحفظ السنة ويأمر بحفظها، ورجل يحفظ ويكتب ويأمر بكتبها وحفظها.
المصدر
في كتب السنة صور حية ، توضح لنا مبلغ اهتمام الصحابة، وحرصهم على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ومدى اجتهادهم في أن لا يفوتهم شيء منه، فمن ذلك ما رواه البخاري بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (كنت أنا وجار لي من الأنصار، في بني أمية بن زيد ـ وهي من عوالي المدينة ـ وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ ينزل يوماً، وأنزل يوماً؛ فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي، وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك….).
ولم يكن اهتمام النساء وحرصهن على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم بأقلَّ من اهتمام الرجال، فقد روى البخاري بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال: قال النساء للنبي صلى الله عليه و سلم : (غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهنَّ فيه، فوعظهن وأمرهن….)
ولم يقتصر هذا الاهتمام والحرص على زمن الرسول فحسب، بل استمر الحال بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى. فقد أخرج الحاكم في مستدركه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يبلغني الحديث عن رجل، فآتي بابه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، يسفي الريح عليَّ من التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء بك؟! هلا أرسلت إليّ فآتيك؟ فأقول : لا، أنا أحق أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث. فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني).
وهكذا كان اهتمام الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم في حفظ السنة ونقلها، جيلاً بعد جيل رواية وحفظاً.
أسلوب حفظ الصحابة والتابعين للحديث النبوي
اقتصر حفظ الأحاديث -التي تمت كتابتها في عصر النبي صلى الله عليه و سلم وعصر الصحابة ومن تبعهم- في الجوامع دون ترتيب. والسر في ذلك يعود لأمرين اثنين أحدهما : أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نُهوا عن التدوين، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (لا تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فليمحُهُ، وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). وكان ذلك خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن الكريم. الثاني: سعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، بالإضافة إلى أن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة. لكن ذلك لا يعني أن الكتابة وإباحتها لم تقع في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم . بل ثبت الإذن بالكتابة عنه صلى الله عليه و سلم .
فقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ورسول الله صلى الله عليه و سلم بشر، يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتابة؛ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال: (اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حقٌ).
إذن كانت الكتابة الفردية موجودة مع الحفظ، فكان بعضهم يكتب ما تيسَّر له مع الحفظ، قبل أن ينهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك، وبعد أن أذن فيه؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (ما كان أحدٌ أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب بيده، ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي، ولا أكتب بيدي، واستأذنَ رسول الله صلى الله عليه و سلم فأذن له).
وبجانب هذا فقد كان لبعض الصحابة، رضوان الله عليهم، صحائف يكتبون فيها أحاديث لأنفسهم، ومن ذلك صحيفة علي المشهورة، وصحيفة جابر بن عبد الله، وصحيفة سمرة بن جندب، وصحيفة عند عبد الله بن عمرو التي كانت تسمى (الصحيفة الصادقة).
وهكذا كان الصحابة والتابعون بين رجلين:
رجل يحفظ السنة ويأمر بحفظها، ورجل يحفظ ويكتب ويأمر بكتبها وحفظها.
المصدر